سورة مريم - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{واذكر في الكتاب إسماعيل إنَّه كان صادق الوعد} إذا وعد وفَّى، وانتظر إنساناً في مكانٍ وعده عنده حتى حال الحول عليه. {وكان رسولاً نبيَّاً} قد بُعث إلى جرهم.
{وكان يأمر أهله} يعني: قومه {بالصلاة والزكاة} المفروضة عليهم {وكان عند ربِّه مرضياً} لأنَّه قام بطاعته.
{واذكر في الكتاب} القرآن {إدريس} وقصَّته {إنَّه كان صديقاً نبيَّاً}.
{ورفعناه مكاناً علياً} رُفع إلى السَّماء الرَّابعة. وقيل: إلى الجنَّة.
{أولئك الذين} يعني: الذين ذكرهم من الأنبياء كانوا {من ذريَّة آدم وممن حملنا مع نوح} ومن ذريَّة مَنْ حملنا مع نوح في سفينته {ومن ذرية إبراهيم} يعني: إسحاق وإسماعيل ويعقوب {وإسرائيل} يعني: موسى وهارون {وممَّن هدينا} أرشدنا {واجتبينا} اصطفينا {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرُّوا سجداً وبكياً} جمع باكٍ أخبر الله سبحانه أنَّ هؤلاء الأنبياء كانوا إذا سمعوا بآيات الله سبحانه سجدوا وبكوا من خشية الله تعالى.


{فَخَلفَ من بعدهم} قفا بعد هؤلاء {خلف} قوم سوء، يعني: اليهود والنَّصارى والمجوس {أضاعوا الصلاة} تركوا الصَّلاة المفروضة {واتبعوا الشهوات} اللَّذات من شرب الخمر والزِّنا {فسوف يلقون غياً} وهو وادٍ في جهنم.
{إلاَّ من تاب} من الشِّرك {وآمن} وصدَّق النَّبيِّين {وعمل صالحاً} أدَّى الفرائض {فأولئك يدخلون الجنَّة ولا يظلمون شيئاً} لا يُنقصون من ثواب أعمالهم شيئاً.
{جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب} بالمغيب عنهم ولم يروها {إنَّه كان وعده مأتياً} يؤتي ما وعده لا محالة، تأتيه أنت كما يأتيك هو.
{لا يسمعون فيها لغواً} قبيحاً من القول {إلاَّ} لكن {سلاماً} قولاً حسناً يسلمون منه، والسَّلام: اسمٌ جامعٌ للخير {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} على قدر ما يعرفون في الدُّنيا من الغداء والعشاء.
{تلك الجنة التي نورث} نُعطي ونُنرل {من عبادنا مَنْ كان تقياً} يتَّقي الله بطاعته واجتناب معاصيه.
{وما نتنزل} كان جبريل عليه السَّلام قد احتبس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيَّاماً، فلمَّا نزل قال له: ألاَّ زرتنا، فأنزل الله سبحانه {وما نتنزل إلاَّ بأمر ربك له ما بين أيدينا} من أمر الآخرة {وما خلفنا} ما مضى من أمر الدُّنيا {وما بين ذلك} ما يكون من هذا الوقت إلى قيام السَّاعة. وقيل: {له ما بين أيدينا}: يعني: الدُّنيا، {وما خلفنا} يعني: السَّموات، {وما بين ذلك}: الهواء: {وما كان ربك نسياً} تاركاً لك منذ أبطأ عنك الوحي. وقوله: {هل تعلم له سمياً} هل تعلم أحداً يُسمَّى الله غيره؟
{ويقول الإِنسان} يعني: أُبيَّ بن خلف {أإذا ما متُّ لسوف أخرج حياً} يقول هذا استهزاءً وتكذيباً بالبعث، يقول: لسوف أخرج حيَّاً من قبري بعد ما متُّ!؟
{أَوَلاَ يذكر} يتذكَّر ويتفكَّر هذا {الإنسان أنَّا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً} فيعلم أنَّ مَنْ قدر على الابتداء قدر على الإِعادة، ثمَّ أقسم بنفسه أنَّه يبعثهم فقال: {فوربك لنحشرنَّهم} يعني: منكري البعث {والشياطين} قرناءهم الذين أضلُّوهم {ثمَّ لنحضرنَّهم حول جهنم جثياً} جماعات، جمع: جُثوة.
{ثمَّ لننزعنَّ} لنخرجنَّ {من كلِّ شيعة} أُمَّةٍ وفرقةٍ {أيُّهم أشدُّ على الرحمن عتياً} الأعتى فالأعتى منهم، وذلك أنَّه يبدأ في التعذيب بأشدهم عتيَّا، ثمَّ الذي يليه.


{ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً} أحقُّ بدخول النَّار.
{وإنْ منكم} وما منكم من أحدٍ {إلاَّ واردُها} إلاَّ وهو يرد النَّار {كان على ربك} كان الورود على ربِّك {حتماً مقضياً} حتم بذلك وقضى.
{ثمَّ نُنَجِّي} من النَّار {الذين اتقوا} الشِّرك {ونذر الظالمين} المشركين {فيها جثياً} أَيْ: جميعاً.
{وإذا تتلى عليهم آياتنا بَيِّناتٍ} يعني: القرآن وما بيَّن الله فيه {قال الذين كفروا} يعني: مشركي قريش {للذين آمنوا أَيُّ الفريقين} منَّا ومنكم {خيرٌ مقاماً} منزلاً ومسكناً {وأحسن ندياً} مجلساً، وذلك أنَّهم كانوا أصحاب مالٍ وزينةٍ من الدُّنيا، وكان المؤمنون أصحاب فقرٍ ورَثَاثة، فقالوا لهم: نحن أعظم شأناً، وأعزُّ مجلساً، وأكرم منزلاً أم أنتم؟ فقال الله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً} متاعاً {ورئياً} منظراً من هؤلاء الكفَّار، فلم يُغن ذلك عنهم شيئاً.
{قل مَنْ كان في الضلالة} الشِّرك والجهالة {فليمدد له الرحمن مدَّاً} فإنَّ الله تعالى يمدُّ له فيها ويمهله في كفره، وهذا لفظ أمرٍ معناه الخبر {حتى إذا رأوا ما يوعدون إمَّا العذاب} في الدُّنيا {وإما الساعة فسيعلمون مَنْ هو شرٌّ مكاناً وأضعف جنداً} أَهم أم المؤمنون؟ وذلك أنَّهم إن قُتلوا ونُصر المؤمنون عليهم علموا أنَّهم أضعف جنداً، وإن ماتوا فدخلوا النَّار علموا أنَّهم شرٌّ مكاناً.

1 | 2 | 3 | 4 | 5